أثار قرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن السماح لأوكرانيا بضرب الأراضي الروسية باستخدام أسلحة أمريكية، تساؤلات عدة حول أهدافه ومبرراته وتداعياته في هذه المرحلة الانتقالية قبل تسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب مقاليد الحكم. ففيما اعتبر مراقبون حاورتهم فرانس24 بأنه مجرد ورقة “مساومة وضغط” في حال بدء مفاوضات حول هذا النزاع، حذّر آخرون من أنه قد يكون شرارة اندلاع حرب عالمية ثالثة وصدام نووي.
أفاد مسؤول أمريكي الأحد بأن واشنطن قد أجازت لأوكرانيا استخدام صواريخ بعيدة المدى في حربها ضد روسيا كانت واشنطن قد زوّدتها بها، وأكد على أن بلاده قد “أعطت الضوء الأخضر لاستخدامها” بعد رفض استمر طويلا.
وبهذا القرار، يكون الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن قد استجاب لمطلب كييف المُلحّ قبيل تسليمه الرئاسة لدونالد ترامب الذي ينتقد أصلا بشدة المساعدات الأمريكية لكييف.
وفور ورود هذه التقارير، رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي “بحذر”، مكتفيا بالإشارة إلى أن هذه الأسلحة “ستتحدث عن نفسها”.
وتطالب أوكرانيا بهذا الضوء الأخضر منذ فترة طويلة، وهو يشكل تغييرا استراتيجيا كبيرا قبل أسابيع قليلة من تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
ولطالما خشيت كييف من أن يقوم ترامب بقطع التمويل الضروري لجهودها الحربية أو محاولة إجبار أوكرانيا على إبرام اتفاق مع روسيا.
ويطالب زيلينسكي منذ أشهر بشكل خاص بإجازة استخدام صواريخ ستورم شادو البريطانية وصواريخ “أتاكمز” الأمريكية لضرب أهداف في عمق الأراضي الروسية.
“لمناكفة ترامب أم هدية له؟”
تعليقا على هذه التقارير، قال د. فولوديمير شوماكوف دبلوماسي أوكراني سابق ومستشار سابق لمحافظ مدينة خيرسون وأستاذ العلوم السياسية إن هذا القرار هو “بشكل عام جيد، رغم أنه جاء متأخرا”. وانتقد محاورنا تردد بايدن كثيرا في تزويد بلاده “بصواريخ هيمارس، ومقاتلات حربية، وصواريخ بعيدة المدى من طراز أتاكمز، فلمدة أشهر كان بايدن على وشك توقيع قرار حول ذلك لكنه رفض لاحقا”.
كما تساءل الدبلوماسي الأوكراني السابق: “هل هذا القرار فقط لمناكفة ترامب أم أنه هدية له؟ لأن ترامب قال إنه في حال رفض بوتين وموسكو شروطه لتجميد الصراع على خطوط التماس والجلوس على طاولة المفاوضات، فإنه سيقدم لأوكرانيا كل الأسلحة المطلوبة لاستنزاف روسيا”.
كما أضاف شوماكوف: “الوقت كفيل بالكشف عن رد ترامب حقيقة حول ذلك. من المؤكد أن استخدام مثل هذه الصواريخ هام لقصف البنية التحتية العسكرية في روسيا وتدمير مطاراتها وطائراتها الاستراتيجية التي تقصف بصواريخ مختلف أوكرانيا لمدة عامين ونصف، واستخدمت في ذلك أكثر من 6700 صاروخ”.
“ورقة مفاوضات للمساومة والضغط”
للعلم، فمن شأن هذه الأسلحة التي يبلغ مداها الأقصى عدة مئات من الكيلومترات أن تسمح لأوكرانيا باستهداف مواقع لوجستية للجيش الروسي ومطارات تقلع منها مقاتلاته.
في هذا السياق، أوضح د. محمد صالح الحربي خبير عسكري واستراتيجي ولواء أركان حرب سابق لفرانس24، بأن الحديث عن الصواريخ الأمريكية بعيدة المدى ليس بالجديد. وقال الحربي: “قد يفتح القرار الأمريكي الباب أمام دول أخرى لتزويد أوكرانيا بمثل هذه الأسلحة”.
ويستدرك الحربي قوله بالتنبيه إلى أن بايدن قد يكون قد سعى من خلال هذا القرار الذي لم يعلن بشكل رسمي بعد، “المساومة والضغط”. يتوافق رأيه مع ما قاله لنا أيضا د. عمر الرداد الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي، الذي اعتبر بأن “القرار الأمريكي غير بعيد عن توجهات الإدارة الديمقراطية التي ستسلم السلطة لدونالد ترامب، المعروف بمواقفه الرافضة للدعم الأمريكي لأكرانيا. يبدو أن بايدن يريد وضع عقبات أمام أي تقارب محتمل بين ترامب وبوتين مستقبلا
.(وكالات )