كتاب وآراء – يونس إجيري
يتمتّع العرب والأجانب الذين يعيشون في فنلندا سواء الذين يحملون الجنسية أو المقيمون إقامة دائمة بنفس المزايا الدستوريّة و القانونية والحقوق التي يتمتّع بها الشخص الفنلندي بالكامل وبدون نقصان في المطلق ، ويحقّ للمهاجر العربي والأجانب الذين يتمتعون بحق المواطنة من الإنضمام إلى أكبر الأحزاب السياسيّة الفاعلة سواء التي كانت في الحكم أو في المعارضة ، كما يحقّ تأسيس أحزاب سياسيّة أو جمعيات ثقافية وإجتماعيّة وغيرها وكل ذلك متاح وتكفله القوانين التي لا تضع أيّ قيد في طريق العمل السياسي أو الثقافي، ومع كل هذه الحريّة المتاحة والمعطاة إلاّ أنّ عرب فنلندا لم يستفيدوا من هذه الأجواء والفضاءات السياسية الحرّة إلا قليل جدا.
إهتمام المهاجرين والأجانب بالعمل السياسي في فنلندا ضئيل إلى أبعد الحدود مقارنة بالجالية الكردية ، فعلى الرغم من أنّ كافة الأحزاب الفاعلة و غير الفاعلة في فنلندا لا تضع أي فيتو ضدّ أي أحد كيّ ينضمّ إليها ، ويكفي ملء إسثمارة ليصبح الإنسان عضوا كامل العضوية.
ويحقّ للمهاجر والأجنبي كائنا ما كان أن يرشحّ نفسه للانتخابات البلديّة والتشريعية – البلديّات في فنلندا لها صلاحيات واسعة وهي التي تنظّم شؤونها – ، ومهما كانت الأسباب التي حالت وتحول دون انتظام العرب والأجانب في فنلندا في المعادلة السياسيّة الفنلندية ، فإنّ الملاحظة الأساسيّة التي يمكن إدراجها في هذا السياق هو عدم توافق العرب والأجانب على مشروع أو رؤية واحدة ، وتطالب الدوائر الفنلندية المهاجرين بلعب دور أكبر في الحياة السياسية الفنلندية.
ويملك الكثير من المهاجرين في فنلندا كل المقومات ليصبحوا رقما ايجابيّا وضاغطا في الحياة السياسية الفنلندية ، لكن غيّاب المؤسسات الفاعلة والمرجعيات التي ترسم النهج والرؤية هو الذي أبقى حالة التشتت ساريّة المفعول ، وما ينطبق على فنلندا يطبق على غيرها من دول الشمال و بقيّة الدول الغربية حيث حرم المهاجرين أنفسهم من حقّ التأثير في اللعبة السياسية الغربية و بالتالي المساهمة في صياغة القرارات الكبرى والصغرى التي تتخّذ في البرلمانات الغربية – معظم النظم السيّاسية الغربيّة برلمانيّة – .
وفي هذا السيّاق يشار إلى أنّ المهاجرين في فنلندا يحتاجون إلى وضع إستراتيجية كاملة للتأثير على الحياة السياسيّة والتأثير على مجرياتها إمّا عبر الإنضمام المكثّف إلى الأحزاب الفاعلة أو عبر صناعة حزب جديد يخاطب على وجه التحديد الجيل الأول والثاني والثالث من الجالية العربية والمسلمة.
مارأيك؟